* القضاء صورة مصغرة للحكم في الأرض، وليس أي شخص يستحقه ويتسلمه ..
* القضاء هو امتداد لحكم الله جعله في يد الأنبياء ثم من بعدهم الأئمة ويتسلمه الفقيه من بعد الإمام المفترض الطاعة لأنه امتداد لحكم الله وبتعيين الفقيه لشخص يتولى القضاء ليحكم بما أمر الله هو امتداد لحكم الله ..
* الحكم من القاضٍ الجائر والغير فقيه هو حكم باطل وجائر حتى لو حكم بحكم الله ..
*-*-**-*-*-*-*-**-*-*-*-**-*-*-*-**-*-*-*-*-**-*-*-*-**-*-*
ثلاث نقاط حساسة تخط لنا مساراً واضحاً ليلجأ إليه الناس لحل منازعاتهم وقضاياهم في حال حدوثها .. وهذه المسألة خطورتها تكمن في أن التنازع والمشاكل استمرارها حتى بعد التقاضي فعندها يكون التقاضي لا قيمة له بسبب خلل في إحدى جوانبه إما:
- من جهة المتنازعين ومدى قبولهم بالحكم..
- من جهة القاضي المتولي سنام الحكم بين الأطراف ومستواه ومدى علمه وفصله في الحكم..
- من جهة الحُكم من صوابيته ومكمنه ومصدره ومنبعه..
فإذا كانت كل الجوانب سليمة انفض النزاع وانماثت المشكلة وعاش المتخاصمين حياة هانئة .. لكن لخلل في إحدى الجوانب إن لم يكن كلهم فإن التنازع يتطور ويكبر لدرجة أن يصل في أسوء حالاته لدرجة الاقتتال .. وهذا ما أشارت له سورة الحجرات التي تختص بعض آياتها في شأن التنازع والتقاتل الذي يحدث بسبب الخلاف والاعتداء والبغي بسبب تطور المشكلة وعدم إيجاد لها حل ..
فلو أن المتخاصِمَين رضخوا للحكم الحق والذي منبعه من تشريع الله لا تشريع البشر أو أهواء الطغاة أو مزاج القاضي الغير عادل أو لا أصل له من الشرع .. والتخاصمين تحاكما عند قاضٍ له امتداد عن الله ويحكم بحكم الله ولا يجور لأتفه الحجج ولا تأخذه العزة بالإثم فيغلظ الحكم بسبب أن المتخاصمين أو أحدهما لم يقبلا الحكم .. فإن المنازعات تنمحي من حياتهم أو لا أقل تقل لدرجة انتهائها ..
لكن أنفة المتخاصمين واستعلاء أحدهم المدفون داخل أعماق نفسه، ولجوئه حتى للقاضي الظالم الجائر المستبد الذي يتربع على رقاب البشر ويدعي أنه يدين بدين الله فمصير المشكلة قد تحل لكن المتخاصم خطى خطوة أتباع الشيطان مما يكون مصيره إلى النار وهذه الآية صريحة المنع للجوء للظالم (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُواْ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيداً)..
ويتجلى نفور أحد المتخاصمين من حكم الله حينما يلجأ لقاضٍ ظالمٍ ويحكم بغير ما أنزل الله، فيترك حكم العادل لأنه لا يعطيه ما يريده ويلجأ للقاضي المنصب من قبل الطاغي لكي (يكسب القضية) حتى لو خالفت حكم الله الحق والذي جاء به الوحي من الله ..
ولهذا أفراد المجتمع المتخاصمين الذين يلجأوا للقاضي الجائر هم في الدرجة الأولى محاسبين على إضافة مشكلة في المجتمع .. لأن المشكلة بين متخاصمين قد تتطور إلى أن تمس بالمجتمع واستقراره .. بل هم يساعدون من حيث لا يعلمون في نشوء الظلم عليهم لأن الحاكم الطاغي يضيق عليهم في حياتهم حتى بمن يتسلم أمر فض النزاعات حتى مممن هو من أوساطهم .. ومن يتحاكم لمن لم يصل لدرجة المكنة في الحكم وبعتبير أدق (فقيهاً) ملماً بالأحكام التي يكون فيها التنازع وقادراً على الحكم الدقيق الذي لا يخالف حكم الله (العدالة+التقوى) فإن المشاكل والنزاعات تحل بيسر.
فلهذا مسألة الحكم يعد من الأمور الحساسة لدينا في المذهب الجعفري .. بل أئمتنا شددوا على من يتسلم هذا المنصب لأن الذي يتسلمه وليس لديه مقدرة وأهلية له يكون من الذين يستحقون النار .. لكن الواقع المزري نراه فيمن يلهثون وراء هذا المنصب ليكسبوا من ورائه المال أو الشهرة أو المكانة بين الناس أعمى نظرهم من خطورة هذا المنصب فحكم خاطئ تريق الدماء أو يحكم لمن ليس له الحق أو يهتك به العرض بالحرام أو تأن منه الصغار والكبار ..
فالقضاء ومن يتولى القضاء مسالة كل مجتمع مبتلى بها وإذا لم يلتفت لها المجتمعات فإن وضعهم في خطر عظيم وخاصة أن الله نهى أن نتحاكم لأي شخص .. ومنبر الجمعة من منطقة العوامية بمحافظة القطيف حيث تناول خطيب الجمعة موضوع القضاء بتطبيق واقعي بنظرة منطلقة من المصدر القرآن الكريم وأحاديث العترة وسيرتهم الطاهرة سلام الله عليهم .. وهذا الخطيب هو سماحة العلامة الحجة الشيخ نمر باقر النمر حفظه الله تعالى ..
فقد تناول سماحته موضوع القضاء ومواصفات القاضي التي يجب الاحتكام عنده في حل النزاعات .. حيث أكد في بداية خطابه على: (أن القضاء لابد أن يمتاز بالتقوى، وأن القاضي لا شرعية له إلا بتقوى الله، وأنه لابد أن يتحلى بالعدالة) مبيناً أن معنى القضاء هو: (الحكم بين الناس أي السلطة).
وأكمل سماحته حديثه بقوله: (الأصل الأولي لا سلطة لأحد على أحد أبداً) و(أن الأنبياء جاءت سلطتهم من عند الله ومن بعد الأنبياء الأولياء وامتدت بالتالي لورثة الأنبياء وهم العلماء)، وأنه (لابد أن يتصف هؤلاء العلماء بصفات منها أن يكون فقيه قادر على معرفة الأحكام وعادل لا يحيد عن حكم الله) .
وأضاف سماحته أنه: (لا يجوز لأحد أن يحكم إلا بأمر الله)، مؤكداً على أن: (أي حاكم لا شرعية له في الحكم يكون خارج عن الدين وكافر و ظاهرهُ الإسلام فقط )، مبيناً أن: (الفقيه هو العارف بحكم الله لهذا هو الذي يجب أن يكون له السلطة بعد الأنبياء والأئمة "عليهم السلام") وأن (لا شرعية لحكم أو قضاء إلا بدليل شرعي) .
وأردف سماحته: (الحكم قمة الدين، لذلك لا يجب أن يتبوأ أي شخص هذا الموقع أو يوكل الأمر للناس)، مؤكداً على أن: (القضاء أشد من التحليل والتحريم) .
وأستدل سماحته في كلامه بقوله تعالى: {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدُّواْ الأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُم بَيْنَ النَّاسِ أَن تَحْكُمُواْ بِالْعَدْلِ إِنَّ اللّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُم بِهِ إِنَّ اللّهَ كَانَ سَمِيعًا بَصِيرًا} ، مبيناً: (أن أمانة القضاء تسلم لمن هو أهل لها لأن الحكم أمان) مؤكداً: (إن الذي لا يعرف الحق لا يستطيع أن يحكم به) موضحاً أن: (أولي الأمر هم الذين يستطيعوا حمل الرسالة) مؤكداً أن: (الرسول قائد يحمل الرسالة وأولي الأمر هم أصحاب الرسالة وأهل الدين والأمانة والتقوى والفقاهة والمعرفة) .
وفي تبيان الجهة التي يجب الرجوع إليها في حل الخلافات والنزاعات قال النمر: (جهتان من تحسم النزاعات: تشريعية "قيم" و تنفيذية "قيادة")، مؤكداً على أن: (المرجعية هي حكم الله وليست العادات والتقاليد ولا القوانين الوضعية ولا القوانين التي تضعها الأمم المتحدة والدول).
وحث سماحته المؤمنين على قبول حكم الله والرجوع إلى القيادة الرسالية مؤكداً أن: (من يخالف حكم الله ليس بمؤمن) وأن: (من يرجع إلى غير القيادة الرسالية وإن كان يحكم بحكم الله، فهو لا يؤمن بالله) مضيفاً: (إذا كان القاضي ليس رسالي ولا يمثل السماء فالذي يرجع إليه ويتحاكم عنده ليس بمؤمن)، مؤكداً أن: (الخير في التقاضي والنزاع عند قيم السماء وقيادة السماء) وأن: (أحسن الخير والبركات تأتي منها)، (إن ما ترونه في المجتمعات من مآسي سببه عدم الرجوع لحكم الله وقيادة السماء) مؤكداً أنه: (لا يجوز التحاكم عند الطاغوت)، وقد وصف سماحته: (من يترك قيادة السماء في الحكم والقضاء ويتحاكم عند قيادة غير سماوية بالمنافق والصاد عن سبيل الله).
وأكد النمر أن: (المجتمع هو من يشجع الظلم على نفسه حينما يرفض التقاضي عند قضاة العدل والسماء) مضيفاً: (لو أن المجتمع قاطع طغاة الظلم و الجور لما تمكن قاضي الظلم و الجور من القضاء)، مؤكداً على أن: (الإيمان لا يتحقق إلا بالمقاضاة عند قاضي العدل) وأن: (المجتمع هو من يضع سلطة القضاء وشرعيته).
وأكد سماحته في نهاية خطبته الأولى على أن: (الفقيه عُين قاضي من قبل الله، لدى لا يحق لا للحاكم ولا للناس عزله) مضيفاً: (أن الذي لا يتحلى بأهلية القاضي يحرم عليه القضاء ولا يجوز التقاضي عنده) .
وأردف سماحته في خطبته الأولى بروايات استدل بها وأتمها في خطبته الثانية وذلك وكما قال في بداية الخطبة الثانية (لتتضح الرؤية بشكل أفضل وأوضح).
وقد أكد خلال قراءته للروايات على أن: (القاضي الذي لا يحمل أهلية الحكم فهو حاكم جائر وطاغوت) وأن: (الحق محصور عند أهل البيت (عليهم السلام) ) لهذا (الجاهل الذي لا يعرف أحكام الله لا نتحاكم عنده) مؤكداً على أن: (القاضي عندما يحكم يمثل وحي السماء بما أراه الله) داعياً في نهاية خطبته: (العلماء الذين لم يبلغوا درجة الفقاهة أن لا يتسابقوا ويتسارعوا للقضاء لإنهم بذلك يتسارعون للنار).
نترككم مع الخطبتين وما تحويه من الأفكار الرائعة الكثيرة وهما بعنوان:
القضاء جعل إلهي
أما وصلتيها فهي بشقين من الملفات:
الشق الأول:
للاستماع للخطبة من موقع:
-صوت الشيعة:
http://shiavoice.com/play-39227.html -صوتيات الأبرار:
http://www.abrarevoice.com/sounds/in...laymaq&id=5159 الشق الثاني فهي بنوعين من الملفات:
1) بصيغة (Rm): لمن لديهم النت ضعيف:
http://www.mediafire.com/?9z0lrq0ng1z 2) بصيغة(MP3): متوفرة بثلاث وصلات:
[1]الخطبة الأولى:
http://www.mediafire.com/?zwqeidtfnhz [2]الخطبة الثانية:
http://www.mediafire.com/?bt4rzl2yjxg [3]الخطبتين معاً:
http://www.mediafire.com/?mtddmgimbq0 - اقتباس :
ملحق بالوصلات، ومن لا يفتح لديه موقع صوت الشيعة يتمكن من تنزيلها من موقع صوتيات الأبرار:
1) خطب الشيخ نمر:
-صوت الشيعة:
http://shiavoice.com/cat-2592.html
-صوتيات الأبرار:
http://www.abrarevoice.com/sounds/index ... 12&start=0
2) محاضرات آداب العشرة (جدد):
-صوت الشيعة:
http://shiavoice.com/play-38941.html
-صوتيات الأبرار:
http://www.abrarevoice.com/sounds/index ... 20&start=0
3) بحوث العقل (160 محاضرة):
-صوت الشيعة:
http://shiavoice.com/cat-2594.html
-صوتيات الأبرار:
http://www.abrarevoice.com/sounds/index ... 18&start=0
3) تأملات في دعاء مكارم الأخلاق (117 محاضرة)
-صوت الشيعة:
http://shiavoice.com/cat-2619.html
-صوتيات الأبرار:
http://www.abrarevoice.com/sounds/index ... 19&start=0
4) بحوث قرآنية (تقارب 219 محاضرة):
http://shiavoice.com/cat-2645.html
5) متفرقات:
-قصة سلمان المحمدي وأهوال الموت:
http://shiavoice.com/play-39228.html
هذا ونسألكم الدعاء ..