يملأ الفساد أرجاء الأرض، من شرقها لغربها، وشمالها لجنوبها، فلا تخلو بقعة من البقاع إلا وفيها لمسات من ذلك الشبح الرهيب، الذي استنزف الكثير؛ إن لم يكن أغلب خيرات الله في الأرض.
ولو تتبعت الفساد وخيوطه وآثاره لرأيتهم يتمحور حول ثلاثة أركان أساسية، ومنها تتشعب آثاره وتَمتد أياديه وتُنسج خيوطه.
1. النفاق.
2. الاستبداد.
3. الاحتلال.
النفاق سببه ثغرة في النفس لم تسد وتصلح؛ أدت إلى اتساع الثعرة لمهدت الطريق للصفات الرذيلة التي وجدت لها مكاناً خصباً ومهيئاً لتنبت وتترسخ وتكون جزءاً من الإنسان، فيصعب عليه اقتلاعها وإن حاول لن يتمكن، وإذا تمكن سيرجع لها يوماً لأن الثغرة الأساسية لم تسد، فيجعل الفرد المتحلي بهذه الصفة بل والصفات الرذيلة يبيع كل شيء مقابل حصوله على أشياء يظن أنها كا ما في الكون، لكنه لم يحصل إلا على السراب، وخسر كل ما حوله إلا أشباهه ؛بل ويخسرهم لأنه لا يقبل أن يتفوقوا عليه فيما يحصلون عليه من الحطام، ولا يبقى له أي شيء من الدنيا.
بل يخسر الآخرة بسبب ما آلت إليه أعماله، وركست نفسه في الخسة والدناءة، وغاصت في وحل الرذائل، وذهبت بسبب الضحايا، ونزلت الأبدان في غياهب السجون، وسفكت من وراءها الدماء البريئة، فالنار مثواه والخسران مآله.
والاستبداد الذي هو وليد الطمع والقهر والاستعلاء والاستعباد وسببه استصغار الآخرين له في الصغر أو الشباب أو الكبر، مما تكبت وتكبت حتى لا تجد لها مكاناً إلا وتنفجر بممارسات يندى لها الجبين، وتصادر منها الخيرات، ويحكم بها بالنار والحديد، ويتقوى الغني على الفقير، وتنهب بها الخيرات، وتسلب منها البركة، وتمحق بسببها الأرزاق، وتصادر كل الجهود.
لأن المستبد لا يرى إلا نفسه، ولا يلتفت لأصغر منه، فلا يرقب في إلاً ولا ذمة، ولا تأخذه لوم لائم على غيه وطغيانه، ولأنه لا يرى إلا صنم نفسه، وجبت أهواءه وطاغوته وهيمنته، بل لا حتى ربه يغيب عنه أحاسيسه لما هيمن على من الاستبداد وأغلق كل منافذ قلبه ولبه.
أما الاحتلال لا يجد شيء صعب عليه، لأن لباسه بالمنافقين، وسلاحه الاستبداد، فيتربع على رؤسهم ورؤوس الخلائق، ويعيث فيهم نكالاً وتقتيلاً، وجبروتاً وطغياناً، ويسهل عليه سلب الخيرات، وقتل الأبرياء بسلاح الاستبداد، ويقدم جنوده المتشربين بالنفاق ليكونوا له خدماً وطائعين، ليقدموا له كل ما جادت به الأرض من خيرات، وإذا انتهى منهم حصدهم، وجعلهم هشيماً تذروهم الرياح، وتلقي بهم الرياح في مكان سحيق، أو تخطف بهم الطير، أو تنهش الكلاب من لحومهم النتنة .. لكن هل من متعض ومتحرر من الهوى؟؟!!!!
ومع هذا الثالوث تأبى الأنفس الأبية إلا أن تقف بقوتها المتواضعة أمامه، وتتحرر من ربقته، وتنبري له بأيدي رافعة رأسها أمام المستكبرين، وتعيش في حرية وعزة وكرامة وسعادة؛ فهي تنام قريرة العين، والثالوث شاخصاً ببصره، يبحث في الأرض كي يتحين الفرص وينقض عليها كي يحطم هذه النفوس، وتأبى إلا العز والكرامة.
نبقى معكم للاستماع إلى منبر تحرر من خيوط الاستبداد، ونطق بما في القرآن؛ وحديث العترة الطاهرة، رافضاً تحكم الاستبداد به، ليقول كلمته بما يرضي الله تعالى لا ما يرضي عباده، وليوضح لهم بعض ما جاءت به الشريعة من قيم وبصائر ورؤى . . نبقى مع منبر خطبتي الجمعة من منطقة العوامية - القطيف شرق السعودية، والذي يخطب فيه سماحة العلامة الحجة الشيخ نمر باقر النمر (حفظه الله).
في هاتين الخطبتين تناول سماحته أمر الفساد ومنابته الذي تمثل في النفاق السياسي والعلمائي والفردي، والاستبداد والاحتلال، وما يسببونه من بلاء على الأمة، وويلات لا تعد ولا تحصى وكيف السبيل للتحرر منهم.
كما وتحدث سماحته عن القوة الإيمانية الأبية التي بنت قوتها، وواجهت طغيان القوى الكبرى _أمريكا_، ولم تخف من تهديداتها برغم قوتها وهيمنتها، فمضت تسير لتحقق العزة والإباء.
نترككم مع الخطبتين اللتيين ألقيتا بتاريخ 15-2-1429 هـ وبعنوان:
ثالوث الفساد: النفاق والاستبداد والاحتلال.
2) بناء القوة ترهب الأعداء.
أما وصلات الخطبتان فهي بنوعين من الملفات:
-----------------------------------------------
2) بصيغة(MP3): فهي متوفرة بثلاث وصلات:
اقتراح للإدارة الكرام، تثبيت الموضوع لمدة اسبوع لكي تعم الفائدة.
هذا ونسألكم الدعاء، والسلام عليكم رحمة الله وبركاته.