أعجبتني كلمة قالها طبيب صاحب إنجازات طبية على مستوى الشرق الأوسط وفي نفس الوقت فنان تشكيلي كبير عرضت أعماله في أهم دور العرض في العالم وكان حديثه على إحدى الفضائيات العربية حيث تحدث عن البصر والبصيرة من وجهة نظره عندما قال إن الله تعالى عندما خلق الإنسان فإنه خلق له بصر وبصيرة،فالبصر هو مايستخدم في المشاهدات السطحية فهو عندما يبصر شيئاً فهو يراه من السطح فقط بينما هناك مشاهدات أكثر عمقاً للآخر قد يراها وقد لايراها ببصيرته ( انتهى حديثه ) .
.. وهنا تحضرني كثير من المواقف التي نقوم بها نحن ويقوم بها غيرنا الكثير ،فعلى سبيل المثال فنحن نصدر الأحكام على الآخرين من خلال أشكالهم ومشاهداتنا السطحية فقط ! فهذا باين عليه متكبر وهذا شكله مسوي فيها وذاك شكله دلخ وقس على هذا الكثير من الأوصاف والأحكام المختلفة التي نطلقها على الناس بحق أو بدون وجه حق ،وأتذكر يوماً كنت في مكتبي في عملي وكنا ثلاثة زملاء وتطرقنا في الحديث إلى زميل آخر أعرفه شخصياً وتشاركت معه في كثير من الأعمال وهو شخص في قمة الأدب والتواضع والأخلاف الفاضلة فعلاً .. فقال هذا الزميل الذي معنا ( ياخوي هذاك من جد شايف نفسه .. وما أدري على ايش! ).الحقيقة أنني تفاجأت من هذا الوصف لمعرفتي التامة بذاك الزميل الذي يتحدث عنه وهنا سألته مباشرة : من تقصد ؟ فأجابني : أقصد نفس الشخص فعلاً ! فقلت له : ومن قال لك ذلك ؟ هل زامتله عن قرب أم ماذا ؟ قال : لا ، لكن ياخي واضح من شكله وحركاته !
فقلت له : ياعزيزي هل تعلم أنك حينما تصف شخص بوصف مشين كهذا الوصف فإن الشخص الأكثر ملائمة لوصفك هو أنت ولاتغضب ودعني اوضح لك المعنى .
.. قلت له : أتذكر أنني كنت يوماً حاضراً لإحدى المحاضرات ومما علق في ذاكراتي من تلك المحاضرة هو التالي :
يقول المحاضر : تخيلوا أننا أتينا بأربعة أشخاص وأوقفناهم في الشارع وجعلنا شخصاً خامساً لايعرفونه يمشي في الشارع وفي يده شريط فيدو وطلبنا من هؤلاء الأربعة أن يصف كل منهم هذا المشهد فمالذي سنجده؟
سنجد أن أحدهم يقول : أعتقد أن هذا الشخص يحمل فيلماً إباحياً،وسنجد أن أحدهم يقول أن هذا الشخص يحمل فيلماً تسجيلياً لمباراة مهمة في كرة القدم،وسنجد الثالث قد يقول : إن هذا الشخص يحمل فيلماً لمحاضرة نادرة،بينما الرابع قد يقول: إن هذا الشخص الذي يمشي هناك يحمل فيلماً وثائقياً عن الأحداث المهمة في التاريخ المعاصر وهنا نستنتج أن كل شخص من هؤلاء الأربعة قد وصف ذاك الشخص الذي يمشي حاملاً شريط فيدو في يده - وصفه - بما يحبه هو أو يفكر فيه هو ،ولهذا وعوداً على بدأ اقول أن إصدار الأحكام على الآخرين قد يوضح ماتعاني منه أنت وقد تصف يوماً أحدهم بالدلاخة بينما أنك أنت الدلخ .. يادلخ !